من زمان متكلمتش عن كرتون و أظن ده وقت مناسب كده أسحلكم معايا في بوست لذيذ عن كرتون...
و الكرتون الي قررت أحكيلكم عنه المره دي هو فيلم الكرتون..Horton Hears a Who!
و فيلم الكرتون العبقري ده مينفعش يعدي من غير ما اتكلم عنه...
عبقري.؟..
هو إنت شوفت فيلم غير الي إحنا شوفناه؟..
لا الصراحه هو النفس الفيلم بس يمكن العبقرية بتاعته فلتت منك و مخدتش بالك..
الفيلم العبقري ده و الي قدمته شركات فوكس القرن العشرين معمول في الأصل على رواية للأطفال للكاتب Dr. Suess
و زي ما شوفنا في الفيلم... هورتون الفيل المستكشف و الفضولي و ذو الخيال الخصب قدر يسمع صوت قادم من ذرة غبار فوق زهرة بسبب حجم ودانه الضخم و الصوت الي سمعه قادم من عالم صغير جدا على الذره بيعيش فيه شعب الهو... و بيقدر هورتون بعد كده يتوصل مع عمدة شعب الهو و الي بيعرفه حقيقة عالمهم و إنه حرفيا ممكن يهلك لأقل سبب... و هنا بيعاني هورتون و العمده في اقناع أهلهم و شعوبهم بإن الإتنين موجودين و بيعاني هورتون علشان يوصل الزهرة لمكان آمن..
طب دي القصه بإختصار... فين العبقرية؟؟..
في الحقيقة عبقرية الفيلم تكمن في القضايا الي ناقشها و الأفكار الي عرض المشاهدين ليها و الي معظمهم غالبا أطفال بغض النظر عننا يعني...
و القضايا دي في منها الظاهر و في منها الخفي بين السطور..
و تعالي في البداية ناخدك في القضيه الظاهرة الي ناقشها الفيلم و هي صراع الواقعيه و المادية الممثله في الام الكنجر ضد الخيال الي مثله هورتون و كان بيحاول يعلمه للأطفال..
صراع ابدي توالد في وسط قيام الحضاره البشرية... صراع حاول الماديين يكسبوه بكل قوتهم لكن العلم اثبت في النهاية إنتصار الخيال زي ما اثبت في النهاية هورتون انتصاره على الأم الكنجر لما سمعت الصوت اخيرا...
و علشان كده مش ده موضوعنا... لكن موضوعنا في الصراع الخفي الي قدمه الفيلم..
في الواقع الفيلم قدم صراعين... صراع الإيمان و المادية و صراع أو معضلة الأنبياء..
صراع الإيمان و الماديه هو الوجه الاخر لصراع الواقعية و الخيال... حيث في الوقت الي كانت الكنجر بتقف فيه كشخصيه ماديه بحته ضيقة الافق لا تؤمن ولا تصدق غير ما ترى و تسمع و تشم و تشعر... كان هورتون مؤمن إنه صح و إن في ناس صغيرين جدا عايشين حياتهم على ذرة غبار.....
و برغم إدعاء هورتون بإن في صوت خارج من ذرة غبار كان ممكن ضحده بسهولة بالقول إنها مجرد تهيؤات زي ما عملت الكنجر و حاولت تقنع باقي الحيوانات إنه مجنون و كان هورتون نفسه في لحظه على وشك الإقتناع بكلامها إلا إن هورتون كان عنده إيمان قوي ايمان ارغمه على إحتمال انقلاب الغابة كلها عليه و حبسه في قفص... إيمان مكنه في النهايه إنه ينقذ شعب هو... و ده الصراع الي كلنا عايشينه حاليا في حياتنا اليومية... الصراع ما بين المادية و الإيمان...
و عالجانب الأخر قدم الفيلم معضلة الأنبياء في عمدة مدينة هو... الرجل الي عايش حياته بشكل طبيعي جدا و في يوم ما جاله صوت من السماء بيقوله إن عالمهم صغير جدا و إن الكون أضخم من مستوى إدراكهم و إن شعب هو على حافة الهلاك... و إنه بالفعل هيهلك لو منجحش العمدة في إقناع شعبه بوجود الصوت الي بيتحدث ليه من السماء...
معضلة واجها كل نبي بعث على الأرض و محنه واجها كل دعاة التوحيد على مر الزمان... البشرية في ضلال و على حافة الهلاك لو ما ادركوش حقيقة وجود الخالق و لجئوا ليه علشان يحميهم من شرورهم..
الشر الي تمثل في إيمان شعب هو و قناعته الغير قابله للنقاش بإنهم في امان دائم في حين إنهم غافلين إن حقيقه مطلقه مش هتغيرها قناعتهم و هي إنهم بالنسبة للكون اقل من ذرة الغبار...
و هنا اخيرا لازم نفهم إن القضايا دي لما بيتعرض لها طفل بشكل غير مباشر في فيلم كرتون بسيط و ممتع و بدون ابتذال ده بيساعده في النهاية على تكوين وعيه الخاص و إنماء مخيلته و قدرته الإيمانية...
و هنا تاني هقول إن للأسف في الوقت الي كتاب الأطفال الغربيين زي دكتور سوس بيحاولوا يربوا الأطفال عالخيال و الوعي و الإيمان زمان مقارنة بدلوقتي في وسط محاولاتهم لدس أيدولوجياتهم الملوثة فيها...
و ده الفرق طبعا بين كتاب الأطفال زمان و دلوقتي بعد سطوة الحداثة الغربية على العالم..
اما عندنا بقى كتاب الأطفال العرب لسه محصورين في زاوية قصص الأطفال المملة المبتذلة الأشبه بحلقه لا نهائية من كرتون دورا... حلقة لا نجني من ورائها غير التخلف و العته...